رحلة لا تُنسى… بين أزقة المدينة ومآذن النور
حين تطأ قدماك أرض المدينة المنورة، تشعر أن الزمن قد توقّف احترامًا لقداستها. فكل شيء هنا يهمس بالطمأنينة، وكل ركن يحمل في طياته قصة من نور. ومع رحاب المدينة، تحوّلت رحلتنا إلى تجربة متكاملة، جمعت بين الروح والعقل، بين المشاهدة والتأمل.
انطلقت الرحلة من حيث تهفو القلوب وتطمئن الأرواح: المسجد النبوي الشريف. من اللحظة الأولى، شدّنا المنظر المهيب للقبة الخضراء، ونسيم الإيمان الذي يعبق بالمكان. دخلنا الروضة الشريفة، فصلّينا وسلّمنا ودعونا، وكل شيء حولنا يوحي بالسكينة والمهابة.
ثم أخذنا الفريق إلى أماكن خالدة في ذاكرة الأمة. جبل أحد، شامخًا كما عرفناه من كتب السيرة، وقفنا هناك نستشعر شجاعة الشهداء وعظمة اللحظة. وفي مسجد قباء، صلينا كما كان يفعل الحبيب ﷺ، وشعرنا بصفاء عجيب لا يُوصف.
مررنا أيضًا بـ مسجد القبلتين، حيث تغيّرت وجهة الصلاة، فتحوّلت جدرانه إلى شاهد حيّ على طاعة الصحابة، وثقة المسلمين بأوامر ربهم.
ولأن المدينة ليست فقط معالم دينية، قادنا الفريق لزيارة أسواقها الشعبية، نتعرّف على منتجاتها المحلية، ونستمع لحكايات تُروى من جيل إلى جيل. عبق التمر، رائحة العود، وابتسامة أهل المدينة… كلها تفاصيل لا تنسى.
رحلتنا مع رحاب المدينة لم تكن رحلة سياحية، بل كانت عبادة في كل لحظة، وتأملًا في كل زاوية، ومعرفة تتجدد كلما استمعنا إلى سرد صادق من مرشد يعرف المدينة كما يعرف قلبه.
وغادرنا المدينة المنورة، لكننا حملناها معنا في أرواحنا.
وكل ما نرجوه: أن نعود، أن نُكرم بالزيارة مرة بعد مرة…
ففي المدينة، شيء لا يُمكن شرحه… لكنه يُشعَر بعمق.