شعار
رمز شعار

المدينة المنورة… حين تُلامس الروح أرض الطمأنينة

ليست المدينة المنورة مجرد مكانٍ نُسافر إليه، بل هي مقصد القلوب قبل الأقدام، وبوابةٌ إلى عالم من السكينة والسكوت الطاهر. ومع رحاب المدينة، أصبحت الرحلة أكثر من مجرد زيارة، بل تحوّلت إلى ذكرى راسخة، ودرس حيّ في معاني الإيمان والتاريخ.

بدأت رحلتنا من حيث تبدأ أرواح الزائرين: المسجد النبوي الشريف. هناك، حيث يتجلّى الوقار وتهمس القلوب بالدعاء، وقفنا أمام القبة الخضراء نستشعر عظمة اللحظة. دخلنا الروضة الشريفة بخشوع، وبين الدعاء والسلام على النبي ﷺ، غمرتنا طمأنينة لا يمكن وصفها.

ثم قادتنا “رحاب المدينة” إلى جبل أحد، حيث وقعت إحدى أهم المعارك في الإسلام. وقفنا أمام قبور الشهداء نستحضر معاني الشجاعة والصبر، ونستمع إلى روايات خالدة عن رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.

وفي اليوم التالي، كانت لنا وقفة عند مسجد قباء، ذلك المسجد الذي وضع نواته رسول الله ﷺ بيديه الشريفتين. صلّينا فيه ركعتين كما اعتاد النبي ﷺ أن يفعل، وشعرنا بأننا نُشارك لحظة من أيامه الطاهرة. ومن هناك، انتقلنا إلى مسجد القبلتين، حيث تغيّرت قبلة المسلمين أثناء الصلاة، فكان هذا المكان شاهدًا على طاعة الصحابة واستجابتهم السريعة لأمر الله.

الرحلة مع “رحاب المدينة” لم تكن روحانية فقط، بل كانت أيضًا غنية بالمعرفة والثقافة. زرنا أسواق المدينة القديمة، وتعرّفنا على الحرف اليدوية والمنتجات المدينية، وتبادلنا الحديث مع أهل المدينة الذين استقبلونا ببشاشة قلوبهم وصدق نيتهم.

لم تكن أيامنا في المدينة مجرد رحلة، بل كانت نقلة داخلية، تجربة تعلّمنا منها الكثير عن الحب، والتواضع، والارتباط الحقيقي بما هو أعمق من الماديات.

ومع انتهاء الرحلة، لم تنتهِ المشاعر. بل تركنا قلوبنا هناك، على أبواب المسجد، وفي ظلال الجبال، وبين طرقات المدينة العتيقة.
وسنظل نُردد: اللهم ارزقنا العودة إلى رحابها، واجعل لنا فيها نصيبًا متجددًا من الطمأنينة والإيمان.